--------------------------------------------------------------------------------
أكل فطوره ، لبس ثيابه ، تعطر ، قبل الزوجة ، ألقى نظرة على الأولاد ،ثم فتح باب الشقة و خرج .
هو الآن ذاهب إلى عمله ، كل يوم يمشي في نفس الطريق إلى موقف السرفيس ، يفصله عنه ثلاثة شوارع، هويعمل هناك منذ خمس سنوات ،و لم يتغير الطريق عليه كثيرا ، البائع الذي على الزاوية و قد أخذ بعرض بضاعته ، السيارة المتهالكة التي تقف على ناصية الطريق أسفل شجرة الكينا و التي اخترقت جذورها الرصيف ، علبة الهاتف التي تتدلى منها الأسلاك إلى الخارج ، فتحة الشارع اليسارية ، لا بد كلما مر بها أن ينظر إليها ولو نظرة سريعة ، هو يعلم أن لا مارة و لاسيارات يمرون بها ، و إلا لكان سمع أصواتهم فالجو هادئ و الكون ساكن ، لكن لابد أن ينظر إليها ، شيء ما يدفعه لعمل ذلك دون تفكير ، هو ذات الشيء الذي يدفعك إلى كبس زر المصعد أكثر من مرة عندما لا يفتح الباب .
ينعطف يمينا باتجاه الموقف ، يمر شاب يقود دراجته بتثاقل ، رجل يحمل الخبز لأولاده ، ولد نعس أفاقه أهلوه لجلب الخبز و الشاي من أجل الفطور....... مشاهد مألوفة .
يتابع سيره باتجاه الموقف ، ربما هو المكان الوحيد الذي تتغير فيه الأوجه كل صباح ، إن كان محظوظا سيجد عددا قليلا من الناس ، وسيركب بسرعة ، أو سيأتي السرفيس خاليا ، و إلا سيضطر أن ينتظر السرفيس الذي بعده أو الذي بعده، وسيضطر أن يتحمل قلة ذوق الناس ، و قلة مراعاتهم ،لكن مع بعض الصبر سيركب في النهاية و لن يتأخر .
يصل إلى الموقف ، يعاين المكان يمينا و شمالا ، لايوجد أحد اليوم ، ياللحظ سأركب بسرعة ، الشارع خال من السيارات ، ينتظر السرفيس ، صوت مركبة قادمة من المنعطف ، أرجو أن يكون هو ، لا أريد أن أتأخر ، يعلو صوت المركبة ، لا بد أنها مسرعة ، لما لا ؟ فالطريق خالية و السائق يعرف الطريق كراحة يده فهو يسير في نفس الطريق طوال اليوم ، فلماذا لا يسرع ؟.
تلف السيارة المنعطف ، و تتراءى له ، إنها سيارة للجيش ، من نوع جيب ، تنعطف و تتابع سيرها من غير اكتراث ، يظل يرمقها و هي مبتعدة .
يسأل نفسه محاولا تمضية الوقت - فهو يكره الانتظار خاصة في الصباح الباكر - : " ماذ سأفعل اليوم ؟ مممم:
سأنهي تقارير العمل و أسلمها للمدير ، سأراجعها مرتين كيلا أخطئ . لن أسمح للموظف أيمن أن يسخر مني ، أو يتطاول في الكلام سأضعه عند حده ، ربما سأشكيه للمدير ،أو سأعالج الأمر دبلوماسيا ، سأمر على سوق الخضار بعد العمل ، ماذا سنأكل اليوم ؟ لا أدري ، سأقرر عندما أصل إلى السوق ، آه صحيح لقد تذكرت ، ابنتي تحتاج إلى لباس نوم جديد ، ربما سأحضر لابني أيضا ، نفس اللون أو .... لا ، والمكواة بحاجة إلى تصليح ... ، الفيلم البارحة ... ، مسلسل الساعة التاسعة ... ، البرنامج ال..... "
و هكذا و في زحمة أفكاره المتهافتة ، أتت شاحنة مسرعة من خلفه ، و عندما و صل السائق إلى المنعطف قريبا من موقف السرفيس فقد السائق السيطرة ....
و في نهاية اليوم كانت حصيلة الحادث : شخص ميت ، و شاحنة محطمة .
***************** بقلم : تختخ ******************